لقد كان التعليم في الأوقات السابقة يعتمد على القاعات الصفية والمعلمين
بحثا عن الشهادات وما يتوفر لدى الطالب من كتب واستمارات يقوم بدراستها ومذاكرتها
حتى يصل إلى المعلومات التي يرغب به، لقد اصبح التعليم الذاتي حقيقة يمكن
الاستفادة منها وتطبيقها في وقتنا الحالي في ظل الثورة التكنولوجية.
فقد اصبح بالإمكان لأي شخص من الأشخاص أن يصنع مساره الاكاديمي والعلمي والتعلم
حتى بدون معلم من خلال الادوات والمنصات المتاحة من خلال الفضاء المفتوح وما
تحتويه الانترنت من علوم ومعارف مختلفة.
أولاً: تحديد الهدف التعليمي بوضوح:
قديماً قيل من يطارد شيئين لا يحصل على شيء، وهذا الأمر ينطبق على التعليم الذاتي
فيجب على المتعلم أن يقوم بتحديد ما يرغب بتعلمه بصورة واضحة دون أي غموض، فيجب
أن يكون المسار التعليمي منضبط ومنظم وبمسارات محددة ومعروفة، ويجب الالتزام
بالنقاط التالية عند اختيار هدفك التعليمي:
-
حدد هدفك من داخلك وليس من خارجك: اختر المجال التعليمي الذي يشبع شغفك وطموحك
ولا تختار المجال الذي يختاره الأخرون، فالشغف مع الطموح هما مفتاح النجاح في
التعليم الذاتي.
-
اربط الهدف التعليمي بالمجال المهني: يجب ان يتم ربط الاهداف التعليمية بالمهنة
المستقبلية التي تخطط لممارستها لأن هذا يعطي التعليم الذاتي قيمة، فلا يفضل ان
يتم التعلم لمجرد التعلم ولكن التعلم من اجل الممارسة افضل بكثير من العلم
لمجرد العلم.
-
اكتب هدفك بصيغة واضحة يمكنك مراجعتها بأي وقت: مثلا اكتب ملاحظة أريد تعلم
البرمجة بلغة فيجوال بيسك من أجل ان اقوم بتصميم تطبيق لإدارة أعمالي، او اريد
ان اتعلم الجرافيك من اجل تصميم موقع الكتروني خاص بي وهكذا.
-
قسم الهدف الكبير لمجموعة من الاهداف الصغيرة: أي يجب على المتعلم ذاتيا ان
يقسم هدفه أو عمله إلى مراحل متتالية كلما انهى مرحلة ينتقل للمرحلة الأخرى،
مثلا تعلم فيجوال بيسك يقسم لمراحل (تعلم المتغيرات، ومن ثم النماذج....وهكذا).
-
تأكد من أن هدفك واقعي: والواقعية هنا يقصد بها أن الهدف يمكن تحقيقه وأنه ليس
هدفا مستحيل التحقق، كما يجب ان يتناسب وقت التنفيذ مع الوقت المتاح لديك.
-
اربط الهدف بما لديك من قيم ذاتية: فيجب ان يكون الهدف يحققق نمو لشخصيتك،
وتقدم في علمك وعملك على حد سواء، كما يجب أن يعبر عن هويتك.
-
حدد الوسائل التعليمية التي تلبي رغبتك وتحقق هدفك: يجب ان يتم البحث عن
الوسائل التعليمية المتاحة من اجل انجاز الهدف الخاص بك وجدولتها ومراجعتها
وتحديد ان كانت تلبي الغاية المرجوة وتفضيل بعضها على الأخر.
يمكن لما سبق أن يقوم بمساعدتك على تحديد اهدافك التعليمية، وبذات الوقت ضمان
عدم اهدار الوقت وضياعه في مسائل تعليمية غير مفيدة أو غير مجدية من الناحية
الواقعية والاقتصادية للمتعلم.
ثانياً: إختيار مصادر تعليمية موثوقة:
تحتوي شبكة الإنترنت على العديد من المواقع الإلكترونية والصفحات وبعض هذه
الصفحات يعتبر مصدرا موثوقا للتعليم وبعضها يمثل صفحات مزيفة تحتوي على محتوى غير
مفيد ولا يلبي الرغبات التعليمية لك أو لغيرك، لذا فإنه من المهم تحديد المصادر
الموثوقة والمصادر غير الموثوقة للتعليم، ووفق ما يلي:
1- أبدأ التعليم من خلال المنصات والمواقع المجانية
توجد عبر شبكة الانترنت المئات من مواقع التعليم الالكتروني المجانية والتي تقدم
محتوى جيد ومفيد، ويمكن في البداية ان تشكل لديك الوعي بالهدف التعليمي الخاص بك،
ومن خلال الجدول التالي سنعطي مثالاً على تلك المواقع:
اسم المنصة |
الوصف |
الرابط |
إدراك |
منصة عربية تقدم دورات مجانية في مجالات متعددة |
زيارة الموقع
|
Coursera |
دورات من جامعات عالمية في مختلف التخصصات |
زيارة الموقع
|
Khan Academy |
منصة مجانية لتعليم الرياضيات والعلوم والبرمجة |
زيارة الموقع
|
FutureLearn |
دورات قصيرة من جامعات بريطانية وعالمية |
زيارة الموقع
|
YouTube |
محتوى تعليمي متنوع من قنوات موثوقة |
زيارة الموقع
|
2- نوع في الاسلوب التعليمي:
كما ذكرنا سابقا يوجد العديد من الاساليب التعليمية عبر الانترنت فمنها المكتوب
والمسموع والمرئي، وهنا يجب أن يقوم المتعلم بالتنويع فيما بين الأساليب
التعليمية المختلفة فلا يقتصر الامر على مشاهدة الفيديوهات أو سماع المحاضرات
الصوتية بل يجب ان يتم إستخدام جميع الاساليب بشكل متوازن وحسب القدرة الشخصية
على الفهم والاستيعاب، لان هذا التنوع يثري التجربة لديك ويدعم المعلومات في
ذهنك.
3-قيم المصدر قبل الاعتماد عليه:
يجب على المتعلم قبل البدء بالتعلم من مصدر ما ان يقوم بتقييمه من خلال قراءة
تعليقات القراء او المشاهدين او المستمعين السابقين، وكذلك محاولة اخذ نظرة عامة
عن المصدر قبل اعتماده كمصدر من مصادر التعلم الخاص بك.
4- تعامل مع اكثر من مصدر واحد:
إن التعليم يتطلب أن يتم استشفاف المعلومات واستخلاصها من اكثر من مصدر واحد لأن
هذا يمكنك من التعرف على الموضوع من خلال اكثر من زاوية واحدة ويعزز القدرة لديك
على تجاوز بعض الجزئيات غير الواضحة وغيرا لمفهومة في المصادر الاخرى، وبالنتيجة
يمكنك الالمام بالموضوع من اكثر من زاوية واحدة.
5- استخدم ادوات تنظيم المحتوى:
هنالك مجموعة من الادوات المتاحة على الانترنت والتي يمكن من خلالها تكوين مكتبة
رقمية ترافقك اينما كنت ويمكنك الرجوع إليها عند الحاجة بإعتبارها مراجع خاصة بك،
وفي الجدول التالي ابرز تلك الادوات:
اسم الأداة |
الوصف |
الرابط |
Notion |
أداة شاملة لتنظيم المحتوى، المهام، والملاحظات بطريقة مرنة |
زيارة الموقع |
Trello |
لوحات مرئية لإدارة المشاريع وتنظيم الأفكار باستخدام البطاقات |
زيارة الموقع |
Evernote |
تطبيق لتدوين الملاحظات وتنظيم المحتوى النصي والمرئي |
زيارة الموقع |
Google Keep |
أداة بسيطة وسريعة لتدوين الأفكار وتنظيم المهام اليومية |
زيارة الموقع |
ClickUp |
منصة متكاملة لإدارة المحتوى، المشاريع، والفرق التعليمية |
زيارة الموقع |
ثالثاً: نظم وقتك بذكاء:
إن اكبر عدو للتعليم هو إضاعة الوقت، أو العبثية التعليمية، يجب على الراغب بالتعليم الذاتي أن يقوم بتنظيم وقته بحيث يضمن الإستمرارية في التعلم وعدم اقتصار الامر على عبور كل مدة لأن العبور لا يشكل العلم المطلوب، وعليه فإنه يجب الاشارة إلى مجموعة من النقاط المهمة في هذا المجال لضمان نجاح التعليم.
- ابدأ التعليم بوقت قليل ولكن منتظم: يمكن البدأ بالتعلم من خلال نصف ساعة يومياً، ويشترط ان تكون الزامية أي لا يمكن تركها او تجاهلها او تأجيلها بحال من الاحوال.
- قسم وقتك التعليمي حسب نوع المحتوى: يمكن ان يتم تقسيم وقت التعليم إلى دقائق لكل جزئية ترغب في تعلمها، كما يمكن تقسيمها بصورة تلاحق نوع المحتوى كأن يتم تقسيم 10 دقائق للمشاهدة و 10 دقائق للاستماع و 10 دقائق للقراءة.
- اجعل التعليم جزء من روتينك اليومي: بحيث يصبح التعلم لديك عادة لا يمكنك تركها.
- راجع جدول اعمالك التعليمية بشكل مستمر: ويمكنك زيادة او انقاص وقت التعلم حسب الوضع وحسب ظروفك الحياتية الاخرى.
رابعاً: طبق ما تتعلم وتفاعل معه:
يجب على المتعلم خاصة في العلوم التطبيقية أن يقوم بتجربة ما يتعلمه، فإن كنت تتعلم البرمجة جرب تطبيق الكودات التي تعلمتها على البرنامج الخاص بك ولا تكتفي فقط بالتعلم المجرد دون تطبيق لأن التطبيق هو ما يثبت المعلومة في رأسك وليس الاطلاع على المعلومة، ويكون التفاعل من خلال الطرق التالية:
1- دون ملاحظاتك بصفة شخصية:
يجب على المتعلم ان يقوم بتدوين الملاحظات التي اثارته خلال تعلمه، وما هي اهم الموضوعات التي قام بدراستها، وكذلك كتابة ما اثار فضوله اثناء التعلم وما ينوي القيام به في هذا المجال مستقبلاً.
2-طبق ما تعلمته فوراً:
قيل قديما التجربة خير برهان، لهذا يجب عليك ان تقوم بتجربة ما تعلمته بصورة مباشرة ولا تتركه وقتا طويلا بحيث يضيع وتحتاج لإعادة دراسته من البداية.
3-شارك افكارك مع الاخرين:
إن كانت المنصات التي تستخدمها تتيح لك فرصة المناقشة وطرح الاسئلة والاستفسارات وابداء الرأي يمكنك استخدام هذه الخاصية، وإلا فابحث عن المنتديات والتجمعات البشرية عبر الانترنت المهتمة بموضوع دراستك وقم بمناقشتها هناك لان المناقشة تفتح لك افاق معرفية جديدة ومهمة.
4-علم غيرك ما تعلمت:
إن التعليم يؤدي للمعرفة والمعرفة قد لا تتوافر لدى الجميع وعليه فإن ما وصل لك من معرفة يمكن تعزيزه من خلال تعليم الاخرين ما تعلمته، فتعليم الاخرين هو تعزيز لك قبل ان يكون تعليم لغيرك.
5-ابني مجتمع معرفي متخصص حولك:
اجمع من يشاركونك الاهتمام، وابدأوا رحلة جماعية من التعلّم والتطبيق. فالمعرفة حين تُشارك، تتضاعف، وحاول ان يكون مجتمعك التعليمي ممن يتشاركون ذات الاهتمامات لكي لا يتم تشتيتك واضاعة وقتك.
خامساً: قم بتقييم نفسك بصورة مستمرة:
- خصص وقتًا أسبوعيًا للمراجعة الذاتية اجلس مع نفسك كل نهاية أسبوع، واسأل: ماذا أنجزت؟ ماذا تعلّمت؟ أين تعثّرت؟ هذه اللحظة من الصدق تُعيد ترتيب الأولويات وتُنعش الحافز.
- استخدم أدوات التقييم البسيطة مثل جدول إنجازات، أو ملاحظات في Notion، أو حتى دفتر ورقي تكتب فيه "ماذا تعلّمت هذا الأسبوع؟"
- عدّل خطتك حسب الواقع لا حسب المثالية إذا لم تنجح في الالتزام الكامل، لا توبّخ نفسك، بل عدّل الجدول، وابدأ من جديد. التعليم الذاتي ليس خطًا مستقيمًا، بل منحنيات تتعلّم منها أكثر مما تتجاوزها.
- احتفل بالإنجازات الصغيرة أنهيت دورة؟ كتبت ملخصًا؟ فهمت فكرة كانت غامضة؟ احتفل! هذه اللحظات تُراكم الثقة وتُحفّز الاستمرار.
- لا تخف من تغيير المسار إذا اكتشفت أن المجال لا يناسبك، أو أن شغفك تغيّر، فغيّر الوجهة. التعليم الذاتي يمنحك حرية التنقّل بين المعارف دون قيود.
اجعل التقييم عادة لا استثناء كل مراجعة تُقرّبك من النضج المعرفي، وتُعلّمك كيف تتعلّم. فالمتعلم الحقيقي لا يكتفي بالمعرفة، بل يُراجعها ويُعيد تشكيلها.
خاتمة:
التعليم الذاتي أمر مهم جدا وقد اصبح متاحا وسهلا للغاية في عصر الانترنت حيث يمكنك استخدام الامكانيات الكبيرة المتاحة واستثمارها من اجل التعليم بصورة تحقق اهدافك وطموحاتك وتطلعاتك المختلفة، يمكنك البدء الآن فهو وقت التعليم.